[vc_row][vc_column][vc_video link=”https://youtu.be/OZtx921fDRU”][/vc_column][/vc_row][vc_row][vc_column][vc_column_text]
هل يمكن لهرمونات السعادة أن تنتجها بكتيريا وأين نحصل على هذه البكتيريا
البعض يعتقد بأن المشاعر مصدرها القلب والعقل فقط ولكن في الحقيقة لأمعائنا دور كبير في حالة الفرح أو الحزن أو حتى الخوف التي نعيشها.
بداية, ما هي المشاعر من وجهة نظر صيدلانية؟
كل مشاعرنا هي عبارة عن عمليات ومركبات كيميائية، فمشاعر السعادة والفرح والحزن والتوتر كلها تنظمها مجموعة من المواد الكيميائية التي تسمى هرمونات ونواقل عصبية. الجميع يسمع بهرمون النمو وأهميته لنمو الأطفال و لاعبي كمال الأجسم و الهرمونات هي مواد تفرز من غدد معينة في جسمنا وفي أوقات معينة. فعندما نحزن يكون جسمنا قد أفرز هرمون معين و عندما نفرح يكون جمسنا قد أفرز هرمون آخر و عندما نكون خائفين عندما يهجم علينا كلب ضال فجسمنا يفرز هرمون الأدرينالين والذي يعطينا قوة هائلة فجائية للركض بسرعة خارقة.
والغريب و الملفت أن هذه الهرمونات يُصنّع قسم منها في الأمعاء من قبل البكتيريا النافعة.
لماذا هذا المقال مفيد؟ لأن هرموناتنا ما هي إلا نتيجة البيئة المحيطة بنا، علاقاتنا البشرية مع الآخرين، نظامنا الغذائي، التمرينات التي نقوم بها، وفي بعض الحالات حتى للبيكتيريا الموجودة في أمعائنا. معنى هذا أن فهمنا لهذه الظروف وطبيعة هذه الهرمونات يساعدنا في جلب السعادة لأنفسنا ومن منا لا يحب أن يشعر بالسعادة والفرح دائما.
هل الهرمونات تعمل بدون مدير؟ طبعا لا! لو فرضنا أن الهرمونات مشرفين على المشاعر في جسمنا فجهاز الغدد الصم هو المدير العام لهم و هو يتحكم بهم وهو يتألف من مجموعة من الغدد منتشرة في عدة أماكن في الجسم وتقوم بانتاج وافراز هذه الهرمونات لتجول في مجرى الدم وتذهب لأعضاء وأنسجة معينة.
الجدير بالاهتمام أن معدلات هذه الهرمونات لا تكون واحدة دائما وإنما تختلف تراكيزها حسب الوقت من اليوم . مثلا هرمون الكورتيزول وهو المسؤول عن النشاط والحيوية في الصباح تكون مستوياته مرتفعة صباحا ومنخفضة مساء، وهرمون الميلاتونين يتنشط افرازه في المساء وهو الهرمون المساعد على النوم. ولهذا السبب نشعر بالتعب وعدم الراحة اذا عكسنا اوقات النوم الطبيعية لأننا نكون نتصرف عكس رغبات وطبيعة جسمنا.
ملاحظة سريعة
ما الفرق بين “هرمون” ومرة “ناقل عصبي أو nerotransmitters ؟
حسناً، لا يوجد فرق كبير فكلاهما مواد كيميائية تساهم في الشعور لكن الهرمون هو مادة كيميائية تفرز من غدة صماء وتجول في الدم وتذهب للنسيج المطلوب التأثير فيه وتحدث تأثيراتها. أما الناقل العصبي فيبقى في الجهاز العصبي والدماغ وينتقل ضمن العصبونات او الخلايا العصبية أي لا يجول في الدم .
وممكن للمادة الكيميائية أن تكون هرمون وناقل عصبي بنفس الوقت مثل السيروتونين كما سأذكر بعد قليل
سأتكلم في هذا المقال عن أربع هرمونات هي السيروتونين، الأوكسيتوسين، الدوبامين، والاندورفينات.
أولاً– السيروتونين
يساهم هذا الهرمون بمشاعر السعادة، الصحة، تعديل المزاج، الهضم، النوم، وتنظيم الساعة البيولوجية.
الجدير بالاهتمام أن حوالي 90% من السيروتونين يتم انتاجه في الأمعاء، وكما ذكرت في بداية الفيديو ممكن أن يتصرف كهرمون يجول في الدم ويذهب لأنسجة الجسم أو كناقل عصبي يساهم بتواصل الجهاز العصبي الداخلي المعوي والأبحاث الحديثة عن السيروتين وجدت أن البكتيريا المعوية تقوم بالمشاركة في انتاج السيروتونين وتقوم بتنشيط الخلايا التي تصنع السيروتونين في الأمعاء. هذا التصنيع يتنشط بعاملين وهما:
الحموض الدسمة قصير السلسة وهي التي تتصنع من قبل بكنيريا الأمعاءوأهما حمضين هما
acetate butyrate
short-chain fatty acids (SCFAs)
وهي المادة التي تتحول في الأمعاء لسيروتونين tryptophan التربتوفان
والجسم غير قادر على تصنيع التربتوفان بنفسه بل يحصل عليها من الغذاء ، وبالتالي يلعب النظام الغذائي دور كبير في انتاج السيروتونين وافرازه.
لكن مع هذا دائما كان السيروتونين محيرا للعلماء فهو يبدو أنه يدخل بتنظيم كل شيء وبنفس الوقت غير مسؤول عن شيء؟؟!! يعني تماما مثل المزاج . فمستويات منخفضة من السيروتونين كانت مرتبطة بحدوث اكتئاب لكن اذا جربت تعطي سيروتونين لشخص مكتئب فالسيروتونين لن يحسن حالته على العكس قد يتسبب بحدوث تأثيرات جانبية خظيرة.
ثانياً– الأوكستوسين
أو كما يسمى بهرمون الحب أو العناق. يساهم هذا الهرمون بتقوية العلاقات والروابط بين الأفراد وبناء الثقة. وهو الهرمون الذي يحفز التقلصات الرحمية عند الولادة وبالتالي يسهل عملية الولادرة عند الحامل. وواحدة من وظائفه الأقل شيوعا لكن ليست الأقل أهمية أنه يساعد في كبح الشور بالتوتر وتهدئة الجهاز العصبي عند الشعور بالتوتر.
ينتج هذا الهرمون في الدماغ ويفرز من الفص الخلفي للغذة النخامية نتيجة للمحفزات مثل اللمس لكن حتى ممكن أن يفرز بمجرد نظرات العيون. وعندما يفرز في أوقات التوتر والضغظ يقوم بتعديل تأثيرات الكورتيزول وهو هرمون الشدة والتوتر على الجسم.
الجدير بالاهتمام أنه حديثاً تم اكتشاف وظائف للأوكسيتوسين لم تكن معروفة من قبل مثل التحكم بالجهاز المناعي والشفاء، يعني ممكن تقولوا حرفيا أنه ” الحب يشفي” وليس فقط مبالغة لفظية.
ولا تستغربوا اذا اخبرتكم أنه يمكن يكون لبكتيريا الأمعاء دور بانتاج الاوكسيتوسين. صح الدراسات أجريت على الفئران ولا يوجد تأكد بعد لكن من المحتمل أن تكون للبكتيريا المعوية دور بانتاج الأوكسيتوسين الذي يساهم بشفاء الجروح.
اذا كنتم الآن تتساءلون ما الطعام الذي يجب أن نتناوله لنزيد انتاج الاوكسيتوسين، فالجواب ولا طعام فالأوكسيتوسين لا يوجد بالطعام وانما يمكن تقويته بتقوية مشاعر الحب والتفكير بالأشخاص الذين تحبوهم . حتى ممكن تربية حيوان اليف والاعتناء به ان تزيد الاوكسيتوسين.
والاوكسيتوسين يوجد منه بخاخ يعطى فقط بحالات جدا محددة للمساعدة على الولادة بالحالات التي لا يحدث فيها تقلصات كافية للولادة.
ثالثاً– الدوبامين
هو الهرمون المسؤول عن احداث شعور النشوة بالنصر أو الانجاز والفخر والسعادة في جهاز المكافأة بالدماغ.
ونقصه أو الخلل بمستوياته يرتبط بحالات خطيرة مثل التأثير على الادراك والذاكرة والانتباه وفقدان الدافع وعدم القدرة على اتخاذ القرارات. ويرتبط أيضا بحدوث مرض باركنسون (مرض الرجفان).
هذا هو الهرمون الذي يدفعك إلى الاجتهاد وتحمل التعب والسهر والعمل الطويل لأن نشوة النصر والنجاح والفوز ستنسيك كل التعب الجسدي. وعندما تشعر بها فلن تشبع وستتطلب المزيد والمزيد وهذا هو مبدأ الادمان فالمواد التي تسبب الادمان ترفع مستويات الدوبامين بالدماغ وعندما تجرب نشوة الارتفاع فستطلب المزيد والمزيد وبعد فترة ستزيد الجرعة لأن الجرعة القديمة لم تعد تكفي ونفس المبدأ عند الأشخاص المدمنين على العمل. لذلك يمكن أن يكون سلاح ذو حدين فانتبه .
حوالي 50% من الدوبامين ينتج في الأمعاء وفي دراسة أجروها وكان المقصد منها دراسة مرض باركنسون وعلاقة بكتيريا الأمعاء به ، لاحظ العلماء أن البكتيريا المعوية قد يكون لها مساهمة ايضا بانتاج الدوبامين . طبعا من المبكر جدا الحيث والقول بأنه يمكن استخدام هذه البكتيريا سبيل لعلاج مرض باركنسون فالأمر يحتاج لدراسات اكثر بكثير لكن بامكاننا الحصول على نتيجة وهي أن بكتيريا الأمعاء والحفاظ عليها وعلى سلامتها أساسي وضروري للحفاظ على صحتنا الجسدية والنفسية على المدى البعيد.
الآن السؤال هو هل يمكن الحصول على الدوبامين من مصدر خارجي من الطعام مثلا؟ والجواب لا. لا يوجد الدوبامين بالطعام. مما دفع العلماء للتفكير بأنه صح الدوبامين غير موجود بالطعام ولا يمكن الحصول عليه من الطعام لكن طليعته او الجزيء الذي يمكنه ان يتحول الى دوبامين فيما بعد وهو حمض اميني اسمه التيروزين موجود بالطعام ونظريا الأطعمة التي تحوي تيروزين يجب أن تتحول في الجسم لدوبامين لكن للأسف الدراسات والأبحاث العملية لم تعطي نتائج واضحة فالأمر غير واضح. هناك دراسات وابحاث تقول ان تناول الاطعمة الغنية بالتيروزين يرفع مستويات الدوبامين وابحاث اخرى تشكك بالموضوع.
رابعاً– الاندورفينات
الاندورفينات تسبب الشعور بالسعادة لكن بطريقة مختلفة عن بقية الهرمونات السابقة فهي تمنع الشعور بالألم
تسمى بمضادات الألم او الافيونات داخلية المنشأ. اكيد انت تتساءل الآن أنه معقول جسمنمام يننتج افيون ؟ الجواب نعم رحمة بنا جسمنا يستطيع انتاج مضادات الم خاصة به وترتبط بنفس المستقبلات التي ترتبط بها الافيونات الخارجية ولكن طبعا تأثيراتها اقل وبكثير . لكن مبدأ العمل واحد وهو قطع سيالات الألم في الجهاز العصبي.
هل سمعتم بنشوة الركض او runner’s high
اذا كنت من الركيضين اكيد شعرت فيها بعد ما تركض فترة من الزمن في البداية تتعب لكن اذا تابعت الركض ولم تتوقف ستشعر بسعادة عارمة وفجأة يزول كل الألم والتعب والمسؤول عنها هو الأندورفينات والدوبامين معا فتفرز في البداية الاندورفين مما يسبب بافؤاز الدوبامين فتشعر بالانجاز والسعادة العارمة وتختفي التعب والألم. حتى ان البعض يسمي الاندورفينات ب هرمون الركض runner’s hormone
الخلاصة:
أمعاء سعيدة يعني عقل سعيد وجسم سليم
اذا أردت ان تشعر بالسعادة عليك ان تعتني بطعامك (لا تزعج بكتيريا المعدة بأكلات غير صحية ومؤذية) وان تمارس التمرينات الرياضية والنشاطات التي تجعلك تشعر بالانجاز بعد اتمامهما، وعليك ايضا ان تتقرب من احباءك وتمضي اكبر ققدر ممكن من الوقت معهم فمجرد وجودننا مع من نحب يغير المزاج
وأخيرا اذا اردت ان ترفع الاندورفين والدوبامين معا قم بالركض ومارسه باستمرار
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row][vc_row][vc_column][vc_column_text]
المصادر التي اعتمدت عليها:
هرمون الأوكسيتوسين والروابط الاجتماعية:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5734372/
النواقل العصبية الغذائية
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5986471/
علاقة اعطاء التيروزين على انتاج الدوبامين ووظيفته مع العمر
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6084775/
التداخل بين بكتيريا الأمعاء والجهاز العصبي المركزي والمعوي
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4367209/
https://www.apa.org/monitor/2012/09/gut-feeling
https://academic.oup.com/mend/article/28/8/1221/2623221
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/25860600/
السيروتونين ووظيفة الدماغ
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5606297/
الأوكسيتوسين وبكتيريا الأمعاء
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/27793228/
تأثير بكتيريا الأمعاء على الدوبامين في الدماغ
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/31098656/
تأثير مكملات التيروزين على أشخاص سليمين وآخرين مع مشاكل ادراكية
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/26424423/
تعزز بكتيريا الأمعاء انتاج السيروتونين عن طريق الحموض الدسمة قصيرة السلسلة
https://faseb.onlinelibrary.wiley.com/doi/full/10.1096/fj.14-259598
https://www.cell.com/fulltext/S0092-8674(15)00248-2
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]